“أطفال متسولون”..
تعد ظاهرة التسول من الظواهر الاجتماعية السلبية التي تنتشر في العديد من المجتمعات، وتؤثر سلبًا على الفرد والمجتمع. وقد تفاقمت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة في عدن، (العاصمة)، يعتقد مسؤولون حكوميون وناشطون “إن ظاهرة التسول خاصة من قبل أطفال دون الـ 12 من العمر، جاءت بسبب الحرب والنزوح المتواصل لليمنيين صوب مناطق الجنوب المحررة والبعيدة عن سلطة جماعة الحوثي التي تدعمها إيران.
لكن على الأرجح هناك استغلال للأطفال من قبل عصابات تعمل على تجنيدهم لمصلحتها مقابل بعض الأرباح البسيطة اليومية.
وقال الصحافي صابر العمدة، إن ظاهرة التسول في مناطق الجنوب تعود الى تزايد موجة النزوح صوب هذه المناطق المستقرة، لكنه يقر ان ظاهرة التسول في الجنوب والعاصمة عدن على وجه التحديد تعود الى منتصف تسعينيات القرن الماضي، حيث كان ممنوعا في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، التسول في الشوارع، والحكومة وفرت حياة كريمة للمواطن، ولا ننسى ان التسول من الظواهر السلبية التي كانت العادات والتقاليد تمنعها وتحظر وجود أي متسول في الشوارع..
وأوضح العمد لمركز توق لدراسات المرأة والطفل، إن التسول في الأساس هو ظاهرة سلبية لم تكن موجودة قبل العام 1994م، ولا شك ان هناك من يدير هؤلاء الأطفال المتسولون في الشوارع، ويجني من خلالهم الأموال، الأمر الذي يتطلب تدخلا من السلطات للتحقيق حول استغلال الأطفال في التسول المنظم”.
وأكد الصحافي صابر العمدة أن التسول في الأساس هو ظاهرة سيئة، لكنها أصبحت منظمة وتديرها جهات تستغل الأطفال وحالة الفقر التي يعاني منها النازحون اليمنيون الهاربون من بطش الجماعة الحوثية في صنعاء.
ودعا العمدة السلطات الحكومية في عدن، الى التصدي لهذه الظاهرة من خلال إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة، تبدأ بإعادة فتح مراكز إيواء، وتوفير متطلبات الحياة لأي اسرة فقيرة، ومنع الظاهرة التسول من الشوارع، ناهيك ان هناك عشرات ان لم تكن مئات المنظمات الإقليمية والدولية العاملة، التي من مسؤوليتها مساعدة النازحين.
وتتعدد أسباب ظاهرة التسول في عدن، ولكن من أبرزها الحرب والنزوح، حيث أدى النزاع المستمر في شمال اليمن إلى نزوح ملايين الأشخاص من منازلهم، ولجوئهم إلى الجنوب والعاصمة عدن على وجه، مما أدى انتشار ظاهرة التسول السيئة والتي يشكو منها المواطنون بشكل يومي.
وقال سامي وهو سائق سيارة أجرة صغيرة “إنه يعاني كثيرا من الأطفال المتسولين، وان هناك إصابات تعرضوا لها نتيجة تدافعهم في الدوارات للحصول على الأموال من قبل سائقي السيارات.
ويرى سامي في حديث لمركز توقع لدراسات المرأة والطفل أن من أبرز أسباب التسول في العاصمة عدن، يعود الى تزايد الفقراء حيث يعد الفقر من أهم الأسباب التي تدفع الناس إلى التسول، ففي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها اليمن، يضطر العديد من الناس إلى التسول للحصول على لقمة العيش.
وترجع الباحثة في مركز توق لدراسات المرأة والطفل “ماريا هاشم” أن ضعف الرقابة الاجتماعية، تعد واحدة من أسباب انتشار المتسولين وضعف الرقابة الاجتماعية خاصة في مناطق ريفية كحجة وصعدة والحديدة وتعز، وعدم وجود القوانين الرادعة للتسول، ساهم في انتشار هذه الظاهرة، ومعها انتشرت الجريمة، وتعرض الأطفال لاعتداءات جنسية والكثير من المشاكل التي تتسبب بها الاسرة التي تقوم بإرسال طفلها الى الشارع.
واتفق الباحثة ماريا هاشم، مع ما ذهب إليه الصحفي صابر العمدة في أن التسول يقود لاستغلال الأطفال.
وقالت “يتم استغلال الأطفال في التسول من قبل عصابات منظمة، حيث يتم إجبارهم على التسول مقابل الحصول على المال أو الطعام”.
وتتنوع أشكال ظاهرة التسول
• التسول الفردي: وهو التسول الذي يقوم به شخص واحد، وينتشر هذا الشكل في الشوارع والأسواق والأماكن العامة.
• التسول الجماعي: وهو التسول الذي يقوم به مجموعة من الأشخاص، وينتشر هذا الشكل في المناطق السياحية والأسواق.
• التسول المنظم: وهو التسول الذي يتم من خلال عصابات منظمة، وتستغل هذه العصابات الأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة للتسول.
ولظاهرة التسول آثار عديدة، حيث تترك ظاهرة التسول آثارًا سلبية على الفرد والمجتمع، منها الآثار الاجتماعية، حيث تؤدي ظاهرة التسول إلى انتشار الفوضى والانحراف الاجتماعي، كما تساهم في زيادة الفقر والبطالة.
واقتصادياً، تؤثر ظاهرة التسول سلبًا على الاقتصاد الوطني، حيث تؤدي إلى خسارة الدولة للأموال، وانخفاض الإنتاجية.
وصحياً، قد يتعرض المتسولون للأمراض المعدية، مما يشكل خطرًا على المجتمع.
حلول للحد من ظاهرة التسول في العاصمة عدن.
إن على السلطات المحلية في العاصمة عدن، المسارعة في إيجاد معالجات سريعة لهذه الظاهرة، حيث تتطلب معالجة ظاهرة التسول جهودًا مشتركة من قبل الحكومة المحلية والمجتمع المدني، من خلال توفير فرص العمل للمواطنين اليمنيين النازحين، وتقديم المساعدات الاجتماعية للفقراء، والعمل على إعادة الكثير منهم الى المناطق التي نزحوا منها، خاصة في ظل وجود تهدئة ووقف عمليات القتال في الكثير من الجبهات.
ويقع على الاعلام ورجال الدين مسؤوليات كبيرة تجاه هذه الظاهرة من خلال نشر الوعي الاجتماعي بمخاطر التسول، وتشجيع السلطات على تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في الرقابة على ظاهرة التسول.
كما يجب على السلطات سن قوانين صارمة ورادعة لهذه الظاهرة، واشراك الأجهزة الأمنية في تطبيقها بحزم.
توفير مراكز إيواء للمتسولين خاصة الأطفال واعادتهم الى المدارس للتعليم.
وظاهرة التسول من الظواهر الاجتماعية السلبية التي تؤثر سلبًا على الفرد والمجتمع، وقد تفاقمت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة في عدن، مما يتطلب جهودًا مشتركة من قبل الحكومة والمجتمع المدني للحد منها.